الدكتور/ محمد عبد الحليم الجبيصي ... المحامي ... ماجستير في القانون ... دكتوراه في القانون التجاري ... والمستشار القانوني للشركات ورجال الاعمال ... 01002563799

الفرع الثاني .. الوكالة والوكالة بالخصومة

الفرع الثاني
.
الوكالة والوكالة بالخصومة
.
تعريف الوكالة لغة : الوكالة بفتح الواو و قد تكسر .
.
و تطلق الوكالة على معاني متعددة منها :
.
1- الحفظ ومن ذلك قوله تعالى :(( وَقَالُوا حَسبُنَا اللهُ وَ نِعمَ الوَكِيلُ )) . أي أنّ الله تعالى هو الحافظ لمن وكله توكيلاً مطلقاً .
.
2- التفويض ، ومنه قول الله تعالى : ( تَوَكَّل عَلَى الله ) .أي فوض أمرك إلى الله سبحانه وتعالى وهو سيحميك وينصرك إن شاء .
.
3- الوكيل اسم من أسماء الله تعالى وهو المقيم الكفيل بأرزاق العباد .
.
4- الوكيل : هو الذي يقوم بأمر الإنسان . الخلاصة الوكالة في اللغة تطلق على معاني عدّة لعل أهمها الحفظ والتفويض ، والوكيل المقيم بأمر الإنسان ، لأن موكله قد وكل إليه القيام بأمره فهو موكول إليه .
.
الخصومة في اللغة :أما الخصومة فهي ، بالضم الجدل ، خاصمه خصاماً ومخاصمة . خصمه خصماً : غلبه بالحجة ، والخصومة الاسم من التخاصم والاختصام . والخصم يستوي فيه الجمع والمؤنث ومن العرب من يثنيه ويجمعه ، فيقول خصمان وخصوم .
.
( وقيل للخصمين خصمان لأخذ كـل واحد منهمـا في شق من الحجـاج والدعوى ) .
.
والخصومة لها عدة معانٍ في اللغة منها :- الجدل : قال صاحب تاج العروس : ( الخصومة بالضم : الجدل ) المنازعة ..
.
قال الزبيدي : ( قيل للخصمين خصمان لأخذ كل منهما في شق من الحجاج والدعوى ) .- جانب العدل الذي فيه العروة :
.
قال أبن دريد في الجمهرة : ( الخصم ، والجمع أخصام ، جوانب العدل أو الجوالق ، الذي يحمل فيه ، يقال : خذ بأخصامه أي بنواحيه ) .- الوكيل : ويطلق الخصم أيضاً على الوكيل والنائب في الدعوى .بعد أن قمت بتعريف الوكالة والخصومة لغة وبينت معانيها مع مجموعة من التعاريف للوكالة والوكالة بالخصومة في الاصطلاح الشرعي والقانون الوضعي نبحث فيما يـلي :
.
1- الوكالة في الاصطلاح الشرعي .
.
2- الوكالة في الخصومة في الاصطلاح الشرعي .
.
3- الوكالة في القانون الوضعي .
.
4- الخصومة في القانون الوضعي .
.
أولاً- الوكالة في الاصطلاح الشرعي :
.
قال الإمام ابن حجر العسقلاني في تعريف الوكالة : (هي إقامة الشخص غيره مقام نفسه مطلقاً ، أو مقيداً ) .
.
وعرفت مجلّة الأحكام في مادتها 1449 الوكالة كما يلي : ( هي تفويض أحد في شغل لآخر وإقامة مقامه في ذلك الشغل . ويقال لذلك الشخص موكل ولمن أقامه وكيل وذلك الأمر موكل به ) .
.
وعرف الشافعي الصغير الوكالة بأنها : ( تفويض شخص لغيره ما يفعله عنه حال حياته مما يقبل النيابة أي شرعاً … ) .
.
وعرف أبو بكر بن مسعود الكاساني الحنفي الوكالة بأنها : ( تفويض المتصرف والحفظ إلى الوكيل ) .
.
وقال الشيخ صالح المدهون بأن التوكل هو : ( إقامة الغير مقام نفسه في تصرف جائز معلوم ممن يملكه ).
.
وجاء الأستاذ مصطفى الزرقا بتعريف مختلف نوعاً ما عما سبق عرضه من التعاريف فقال هي : ( عقد يفوض له الإنسان غيره ويبديه عن نفسه في التصرف ) .
.
و مما تقدم يمكننا أن نستنتج ما يلي :إن الفقهاء لم يأتوا بتعريف جامع مانع للوكالة بل اكتفوا بتعريفها من حيث أنها : تفويض أو إنابة أو إقامة شخص مقام الموكل ولم يبينوا أو يحددوا شروط الوكيل في التعريف بل عالجوا شروطه في أركان الوكالة كما في مذهب الجمهور .وهذه التعاريف لم تبين أيضاً صيغة الوكالة إلا حال الفقهاء كل ما يتعلق بصيغة الوكالة إلى أحد أركانها وهو الصيغة.
.
ثانياً : الوكالة بالخصومة في الاصطلاح الشرعي :
.
عرف الإمام الغزالي الوكالة بالخصومة بقوله : ( لجاج في الكلام ليستوفى به مال أو حق مقصود و ذلك تارة يكون ابتداءً وتارة يكون اعتراضاً ) .وعرفها الإمام السرخسي بأنها : ( اسم لكلام يجري بين اثنين على سبيل المنازعة والمشاجرة ) . و الملاحظ على هذين التعريفيين أنهما عرفا الوكالة بأنهما كلام و الكلام يعني مفردات ذات معنى محدد مقصود ، بيد أن الوكالة بالخصومة هي عبارة عن عقد مبرم ما بين الموكل و الوكيل من أجل الخصومة فالسرخسي و الغزالي لم يبينا هذه المسألة الهامة بل نراهما قد بينا أن محل العقد منصب ليستوفى به مـال أو حق .
.
ثالثاً - الوكالة في القانون الوضعي
.
عرفت القوانين الوضعية الوكالة بأنها عقد ، ومضمون هذا العقد هو الالتزام بعمل قانوني لحساب الموكـل .نصت المادة 655 من القانون المدني السوري والمطابق لنص المادة 699 من القانون المدني المصري على أن الوكالة ( عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل ) .
.
أما قانون الموجبات والعقود اللبناني ، فقد عرفاها في نص المادة 769 بأنها : ( عقد بمقتضاه يفوض الموكل إلى الوكيل القيام بقضية أو بعدة قضايا أو بإتمام عمل أو فعل أو جملة أعمال وأفعال ويشترط قبول الوكيل ، ويجوز أن يكون قبول الوكالة ضمنياً وأن يستفاد من قيام الوكيل بها ) .
.
القانون اللبناني جاء بتعريف طويل للوكالة أعتقد أننا لسنا بحاجة إليه بهذا القدر ، و أن القانونين المصري والسوري كانا موفقين أكثر من القانون اللبناني بتعريف الوكالة .جاء في المادة اللبنانية : ( القيام بقضية أو بعدة قضايا أو بإتمام عمل أو فعل أو جملة أعمال أو أفعال ) .
.
أما القانونين المصري والسوري فنصا على : ( أن يقوم بعمل قانوني ) .ولا شك بأن هذه العبارة جملة من جوامع الكلم تستوعب جميع الأعمال القانونية التي ذكرتها المادة 769 من قانون الموجبات والعقود اللبناني .أما ما جاء في المادة اللبنانية : ( ويجوز أن يكون قانون الوكالة ضمنياً وأن يستفاد من قيام الوكيل بها ) .فهذه العبارة لا داعٍ لها و يمكن استنتاجها ضمناً دون حاجة إلى ذكرها صراحة في نص المادة ، وليت القانون اللبناني جاء بنص مماثل للقانون السوري والمصري لكان أفضل .
.
رابعاً :الخصومة في القانون الوضعي :
.
يقصد بالخصومة بالعرف القانوني ما يلي :
.
1- الحال القانونية التي تنشأ منذ رفع الدعوى إلى القضاء .
.
2- مجموعة الأعمال التي ترمي إلى تطبيق القانون في حالة معينة بواسطة القضاء .
التعريف الأول (مؤداه) أن المحكمة مجبرة على الفصل بالدعوى المعروضة عليها مهما كانت واهية الأساس وإلا كانت منكرة للعدالة .أما التعريف الثاني فقد خرج من دائرة هذا التناقض وقال بأنها مجموعة من الإجراءات تبتغي تطبيق القانون وتنتهي إما بالحكم في حال وجود أساس متين للدعوى أو برفض الدعوى ، وبالتالي عدم الحكم إذا لم يكن لهذه الإجراءات أساس قانوني .
و على هذا تكون وكالة المحامي : ( مجموعة من الإجراءات القانونية التي ترمي إلى تطبيق القانون بواسطة السلطة القضائية . بعد أن قمت بتعريف المحاماة لغة و قانوناً و رأيت أن جميع القوانين مع شرّاحها لم يأتوا بتعريف جامع مانع للمحاماة . و عرضت لتعريف الوكالة والوكالة بالخصومة لغةً واصطلاحاً وقانوناً ، ثم عرّجت على تعريف الخصومة وفق المنهاج السابق وكانت الغاية من هذه التعاريف استنتاج تعريف جامع مانع للمحامي الشرعي .تعريف المحامي الشرعي وشرح التعريف :بعد الإطلاع على ما سبق أقترح أن يعرف المحامي الشرعي كما يلي : ( رجل ، رشيد ، عدل ،عالم بالشرع ، يوكل بما يصح شرعاً ) .
.
شرح التعريف :
.
*رجل : أي أننا أخرجنا المرأة من هذه المهنة سداً للذرائع ، ومراعاة للواقع و تطبيقا للنصوص الصحيحة من الشرع الحنيف .*رشيد : أي أنه بلغ سن الرشد ، وبهذا أخرج من لم يبلغ سن الرشد أو بلغ هذه السن ولم يكن رشيداً .*عدل : العدل هو الذي لا يرتكب الكبائر ولا يصر على الصغائر وبهذا القول أخرج غير المسلم ، أي أن غير المسلم لا يمكن أن يكون محامي عن المسلم في مخاصمة مسلم ، بل يمكن أن يكون غير المسلم وكيل عن غير المسلم فقط .*عالم بالشرع : ويمكن تفسير هذا القيد بالشهادة الجامعية الملائمة لهذه المهنة .*يوكل بما يصح شرعاً : وهذا قيد على جميع أفعال المحامي .