الدكتور/ محمد عبد الحليم الجبيصي ... المحامي ... ماجستير في القانون ... دكتوراه في القانون التجاري ... والمستشار القانوني للشركات ورجال الاعمال ... 01002563799

المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 66 لسنة 1973

المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 66 لسنة 1973

1- أصول التنظيم الحالي:

صدر أول تنظيم قانوني لتسيير المركبات بلائحة عربات النقل والصندوق الصادرة بتاريخ 7 من يناير سنة 1891 بقرار من ناظر الداخلية.

وقد هدفت هذه اللائحة إلي وضع تنظيم شامل في هذا الشأن، فقد أوجبت الترخيص بتسيير هذا النوع من المركبات وبينت كيفية الرخيص وشروطه كما أوجبت وضع لوحات معدنية مرقمة عليها، كذا نظمت هذه اللائحة أحكام رخصة القيادة لهذا النوع من المركبات وبينت شروطه وأحوال سحبه ثم تعرضت لقواعد المرور وآدابه، وقد لحق هذه اللائحة عدة تعديلات كان آخرها بالنسبة لمحافظة القاهرة في 27 من يوليو 1924.

وفيما عدا ذلك فلا تزال نافذة المفعول حتى الآن.

وتلا ذلك صدور لائحة عربات الركوب والأوتوبيس بتاريخ 26 من يوليو 1894 وهدفت هي الأخرى إلي وضع تنظيم شامل لهذا النوع من المركبات من حيث وجوب الترخيص وشروطه وتجديده ثم شروط الأمن والمتانة وإلغاء الرخصة وعدد الركاب المصرح به، كذا نظمت رخصة القيادة وقواعد المرور والتعريفة، وعد أدخلت عليها عدة تعديلات جزئية ولا زالت نافذة المفعول حتى الآن.

أما بالنسبة للدراجات: فقد سبق تنظيمها بعدة تنظيمات منها قرار وزير الداخلية الصادر في 20 يوليو 1927 وآخرها لائحة الدراجات الصادرة بقرار وزير الداخلية في 4 يوليو سنة 1941 وقد تضمنت شروط المتانة والأمن اللازم توافرها في الدراجة وشروط الامن في استعمالها للركوب، وعدم جواز ركوبها في الطرق العامة لمن تقل سنه عن عشر سنوات مع منع التأجير إلي هؤلاء من أصحاب محال تأجير الدراجات وعمالها، ثم تعرضت لقواعد المرور وآدابه.

أما بالنسبة للسيارات: فقد صدر أول تنظيم لها بلائحة السيارات الصادرة بقرار وزير الداخلية في 30 ديسمبر سنة 1903 ثم استبدل بها لائحة السيارات الصادرة بقرار وزير الداخلية في 16 يوليو سنة 1913، ثم حددت الضرائب والرسوم المستحقة عنها بالقانون رقم 44 لسنة 1934 الصادر في أول يوليو سنة 1934 بتقرير النظام الخاص برسوم السيارات، ثم صدر القانون رقم 449 لسنة 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور وهو القانون المعمول به حاليا وقد اقتصر هذا النظام على تنظيم الترخيص بتسيير السيارات وبقيادتها، ثم تقرير الضرائب والرسوم المستحقة عليها، واكتفي ببعض قواعد المرور وجعلها ملزمة بالنسبة لكل المركبات.

2-الهدف من المشروع:

قد كشف التطبيق العملي عن قصور النتظيم القانوني السابق بيانه إذ أن التطور العلمي وما صحبه من تقدم بالنسبة للمركبات جعل من الطريق العام خطراً على الأرواح والأموال إن لم يعمل المشرع على تحقيق الأمن اللازم لإستعماله حماية للأرواح والأموال، معتمداً في ذلك في المقام الأول على تعاون المواطن الذي يتعين حمايته في استعماله الطريق العام ومنع ما قد يتم من خطر يصاحب الاستعمال من أخطاء اذ ان الخطر لا يقتصر على مرتكبه وحده بل يتناول في المقام الأول غيره من الأبرياء ممن لا ذنب لهم سوى ضرورة استعمالهم للطريق العام، وهو خطر قد ينتشر ويمتد إلي أعداد غير محدودة مقدماً من الأشخاص فضلاً عن إضراره بالأموال.

وقد كشفت إحصائيات حوادث المرور في جميع دول العالم أن ضحايا حوادث المرور التي تنتهي بالوفاة يجاوزون من يموتون بالأوبئة، أما آثار هذه الحوادث بالنسبة للمصابين فقد تكون جسيمة وتؤثر في قدرتهم على الكسب.

ولا يقتصر الأمر على ذلك فإن النقل في العصر الحديث بما يصاحبه من تطور آلي سريع أصبح ضرورة من ضروريات الإقتصاد سواء في نقل الأشخاص أو البضائع وأضحت هذه الضرورة ذات أثر ضخم في الإنتاج مما يبدو أثره حاليا في جميع دول العالم.

لهذا إتجه المشرع إلي تنظيم شامل لأمن الطريق العام بهدف تحقيق هذا الأمن على خير وجه، وهذا هو الهدف الجوهري الذي صدر عنه المشروع وإتجه إلي تحقيقه وهو وحده قوامه في كل تنظيماته.

وعلى ذلك، فقد تضمن المشروع تنظيماً شاملاً لاستعمال الطريق العام بواسطة المركبات أو المشاة، وعني بالاقتصار على الكليات الضرورية تاركاً للقرارات الوزارية المنفذة له مهمة معالجة التفاصيل تحقيقاً للمرونة في مواجهة عجلة التطور، وقد عُني بتنظيم كافة أنواع المركبات من سيارات وغيرها من مركبات آلية ثم العربات التي يجرها الحيوان أو يدفعها الإنسان والدرجات وبذلك فقد وضع تنظيماً شاملاً للمركبات، كما عني بالاتجاه إلي الإخطار الأساسية بالطريق العام للقضاء على أسبابها مع تشديد العقاب في نفس الوقت تحقيقاً لهدفه

نظرة عامة على المشروع: 

تضمن قانون الإصدار مهلة للعمل بالمشروع بعد ستة أشهر من تاريخ نشره لمنح مهلة كافية للكافة لتبين أحكامه وفي نفس الوقت تضمن إلغاء صريحا للتنظيمات السابقة المتعلقة بالسيارات والعربات والدراجات.

ينقسم المشروع إلي ثمانية أبواب يجمع مع كل منها الأحكام المتجانسة في موضوع واحد.

فالباب الأول:

يعالج استعمال الطريق العام في المرور وضرورة الترخيص لتسيير المركبات وقيادتها ثم يعالج أنواع المركبات.

فالفصل الأول:

يتضمن التمهيدية لإستعمال الطريق العام في المرور وتسيير المركبات وقيادتها.

وقد كشف المشروع عن دافعه وهدفه في المادة الأولي منه على أن استعمال الطريق العام يجب ان يكون على وجه لا يعرض الأرواح أو الأموال للخطر ولا يؤدي إلي الإخلال بأمن الطريق أو تعطيل أو إعاقة إنتفاع الغير به، ثم عني بتحديد بعض المصطلحات منعاً لكل لبس فحدد المقصود بالمركبة والطريق العام وقسم المرور المختص.

أما الفصل الثاني:

فقد عني ببيان المركبات وتقسيمها إلي النوعين الجوهريين وهما مركبات النقل السريع وقد عرف أنواعها في الفرع الأول ومركبات النقل البطئ وعرف أنواعها في الفرع الثاني من هذا الفصل.

أما الباب الثاني:

فقد عالج في فصلين رخص تسيير مركبات النقل السريع ورخص قيادتها وأهم ما استحدثه وجود تجديد الترخيص قبل إنتهاء أجله ثم وضع حلولاً للمشاكل العملية التي نشأت عن تغيير شخص المالك خلال مدة الرخصة سواء بالتصرف الإختيارى أو بالوفاة بالنسبة للورثة ومصفي التركة ثم ما يطرأً على أهلية المالك من إدارة أمواله ومنها المركبات من نقص أهليته وما في حكمها، ثم التفالس والإعسار ثم عالج تغيير أجزاء المركبة ومحل سكن المرخص له بتقرير اعتبار الرخصة ملغاة أو سحبها لمدد معينة في حالة مخالفة ما قرره من أحكام جوهرية كما أنه بعد أن ألغي من أنواع السيارات الرميس وإدراجها في الأجرة واستحدث إلي جانب الرخصة التجارية الرخصة المؤقتة، ثم أعاد تنظيم أنواع رخصة القيادة مبيناً حكم كل منها ومقرراً جزاءات إدارية بسحب الرخصة في الحالات الخطيرة ضماناً لتنفيذ أحكامه.

وفي الباب الثالث:

عالج في فصلين رخص تسيير مركبات النقل البطئ ورخص قيادتها.

أما في مركبات النقل البطئ فقد استحدث نظام التأمين الإجباري من حوادثها وترك تنظيم ذلك للقرار الوزاري الذي ينظم التأمين

بالنسبة لكل نوع من أنواعها ولا يسرى هذا الواجب إلا بعد صدور القرار الوزاري المنظم لهذه الأحكام بالنسبة لكل نوع.

وعالج في الباب الرابع:

الضرائب والرسوم مراعياً فيها التخفيف عما هو متبع في القانون الحالي – إذ أن هدف القانون ليس إيجاد مورد مالي للدولة وإنما تحقيق الأمن وصيانة ضمانات الإنتاج البشرية والمادية، وفي هذا المقام عني بحسم ما قد ثار في العمل من حدوث خلاف في التواريخ بين الرخصة والدفاتر وجعل العبرة بالثابت في الدفاتر.

أما الباب الخامس:

فقد عالج فيه قواعد المرور وإستحدث فيه أحكاماً جوهرية تاركاً التفاصيل للقرارات الوزارية فحظر قيادة السيارات على من تعاطي الخمر مقرراً عقوبة جنائية وسحب الرخصة ثم أقام قرينة قانونية قابلة لإثبات العكس إذا وقعت حادثة من مثل الشخص وذلك حتى لا يقود المركبة إلا من هو كامل الوعي والإنتباه يستطيع بسلامة تصرفه المحافظة على حياته وماله وحياة غيره وأموالهم.

وقد ثبت أن جزءاً كبيراً من الحوادث مردها إما تعاطي المواد وإما الإجهاد الشديد من قائد المركبة – وإذا كان الإجهاد الشديد قرينة موضوعية على المسئولية عند وقوع الحادث فلم يرد المشرع حاليا أن يجرم القيادة تحت تأثيره حتى يتم نضج الوعي.

كما أوجب على قائد المركبة المتسبب في الحادث العناية بالمصاب وإبلاغ الشرطة أو الإسعاف أو جهة المرور، وأجاز في حالة ترك الأشياء في الطريق بما يهدد بالخطر أو يعوق حركة المرور إزالتها إداريا على نفقة المتسبب بعد أن ألزم المسئولين بوضع الإشارات اللازمة للتحذير.

أما الباب السادس:

فقد نظم العقوبات وأجاز إلي جانب توقيعها أن تأمر المحكمة بسحب الرخصة وذلك دون إخلال بالحالات الأخرى التي يتحتم أو يجوز فيها سحب الرخصة إداريا كما قرر جواز تعليق إعادة الرخصة على قضاء مدة بإحدى مدارس المرور.

أما الباب السابع:

فقد تضمن في الفصل الأول إنشاء المجلس الأعلى للمرور وبيان تشكيله وذلك لإيجاد هيئة تضع تخطيطاً مستمراً شاملاً لهذا المرفق، ثم عالج ما يترتب على إختلاف التنظيم بين القانون الحالي والمشروع من خلافات عند تجديد الرخصة الحالية في ظل القانون الجديد.

ومن الظاهر الأساسية أن المشروع لم يعف مركبات الحكومة إطلاقاً من الترخيص إنما حول وزير الداخلية وضع نظام الترخيص الكفيل بتحقيق الأمن وأن يحدد ما تحمله من لوحات معدنية بعد أن تعددت وتضاربت.

ومن أهم ما استحدثه المشروع في هذا الشأن قصر الإعفاء من الضرائب والرسوم على المركبات المملوكة والمجالس المحلية كذا مركبات الهيئات العامة عدا تلك التي تستغل لقاء أجر حسماً للخلاف الطويل الذي ثار في هذا الشأن.

وعلى الجملة فان المشروع حاول أن يحقق في مجاله هدف الثورة من تكريك الإنسان وصون حياته وماله باعتبار أن الإنسان هو في ذاته أغلي قيمة يتعين على القانون أن يرعاها ويحميها.

ويتشرف وزير الداخلية بعرض المشروع على السيد رئيس الجمهورية للتفضل عند الموافقة بإصدار قراره بإحالته إلي مجلس الشعب.